من خلق الأكابر
بسم الله الرحمن الرحيم
هناك صفات تندر في دنيا الناس وتعاملاتهم, وصار المتصف بها عزيزاً بينهم ,فريداً في دنياهم , حتى أصبح المتحلي بها يشار إليه بالبنان, ويُذكر عندهم بما تميز به .
ومن هذه الصفات – حفظ السر –
نعم - حفظ السر – الذي هو من خلق الأكابر , وعظماء الناس , وأشرافهم , لأن هذا خلق لايتحلى به أي أحد , وهو صعب المنال .
وقديمًا قالوا:
" إن أمناء الأسرار أقل وجودًا من أمناء الأموال،
وحفظ الأموال أيسر من كتمان الأسرار؛؛؛
لأن أحراز الأموال منيعة بالأبواب والأقفال، وأحراز الأسرار بارزة يذيعها لسان ناطق، ويشيعها كلام سابق...
ومن عجائب الأمور أن الأموال كلما كثرت خزانها كان أوثق لها،
أما الأسرار فكلما كثرت خزانها كان أضيع لها "
حفظ السر به تظهر شجاعة المرء, وقدرته على التحكم بنفسه - وإذا أراد أي أحد قياس قوته فلينظر لقدرته على حفظه للسر- وذلك أن السر عادة لايتحمل صاحبه كتمه , ولايكظمه في فؤاده , فإذا صار المرء حافظاً , دل هذا على شجاعته , وقدرته على ضبط نفسه .
والأسرار نوعان
متعلق بالنفس
ومتعلق بالغير
والمرء مطلوب منه حفظ كلا السرين .
وأعظم الأسرار ماكان بين الزوجين
فمن الناس من كان فاضحاً لسره مع أهله حتى يصل إلى مرحلة أخص من البهيمية , لأن طبيعة النفس السوية , تأبى نشر مثل هذه الأمور وتلكم الأسرار , ولكن ذلك السفيه لا يتورع عن ذكر ما يحصل بينه وين زوجه , وذكر بعض أسرارهم , ولقد صور النبي صلى الله عليه وسلم هذا الهتك لهذه الأسرار بفعل الشياطين .
قال " ألا هل عست امرأة أن تخبر القوم بما يكون من زوجها إذا خلا بها ,ألا هل عسى رجل أن يخبر القوم بما يكون منه إذا خلا بأهله ؟ فقامت امرأة منهن سفعاء الخدين , فقالت : والله إنهم ليفعلون , وإنهم ليفعلن , قال : " فلا تفعلوا , ذلك أفلا أنبئكم ما مثل ذلك ؟ مثل شيطان أتى شيطانه بالطريق فوقع بها والناس ينظرون " السلسلة الصحيحة .
وفي المجالس العامة أسرار لا تخفى
فالناس في مجالسهم يجلسون بأريحية ودون تكلف , فيأخذون في الحديث العفوي , وربما ذكروا أسراراً لهم , وخاضوا في بعض خصائصهم ثقة بالجليس ,وطمأنينة للصاحب, فلا يحفظ جليسهم تلك الأسرار , بل ينشرها دون تحفظ أو رعاية لحق ذلك الصديق .
من الناس من يخون العشرة , وينسى قديم العهد , فيكون بينه وبين أخيه صداقة ومودة , فيبث له ذلك الصديق همومه , ويُؤمنه على أسراره , ويودع عنده خصوصياته , حتى إذا ما تغيرا وحصل الخصام ينهما , نشر تلك الأسرار , وبث هاتيك الدفائن , وهذا لعمر الله ليس من المروءة بشيء , ولا هو من أصول الأخلاق .
ومع بيان فضل حفظ السر, وكرامة أهله , إلا أن الناس في حاجة ماسة لمن يبثون لهم همومهم, ويُنزلون بهم مشاكلهم , ليحفظوا لهم سرهم , ويخففوا عنهم آلامهم - عندها تظهر كرامة المرء, وطيب معدنه في حفظ السر , ورعاية حرمة الواثق - .
إن حافظ السر يصبح بين الناس شامة, وعند الخليقة نبراس, يُحتذى بخُلقه, ويُتأسى بعمله, لأنه صار مستودع للأسرار, مُعيناً للناس في تحمل همومهم .
فيا أيها المقصود بين الناس في حفظ الأسرار عنده , الموثوق به من بين العالمين , احفظ لأهل العهد عهدهم , وأصحاب الميثاق ميثاقهم , وابذل النفس لهم , وليتسع صدرك لأسرارهم .
بسم الله الرحمن الرحيم
هناك صفات تندر في دنيا الناس وتعاملاتهم, وصار المتصف بها عزيزاً بينهم ,فريداً في دنياهم , حتى أصبح المتحلي بها يشار إليه بالبنان, ويُذكر عندهم بما تميز به .
ومن هذه الصفات – حفظ السر –
نعم - حفظ السر – الذي هو من خلق الأكابر , وعظماء الناس , وأشرافهم , لأن هذا خلق لايتحلى به أي أحد , وهو صعب المنال .
وقديمًا قالوا:
" إن أمناء الأسرار أقل وجودًا من أمناء الأموال،
وحفظ الأموال أيسر من كتمان الأسرار؛؛؛
لأن أحراز الأموال منيعة بالأبواب والأقفال، وأحراز الأسرار بارزة يذيعها لسان ناطق، ويشيعها كلام سابق...
ومن عجائب الأمور أن الأموال كلما كثرت خزانها كان أوثق لها،
أما الأسرار فكلما كثرت خزانها كان أضيع لها "
حفظ السر به تظهر شجاعة المرء, وقدرته على التحكم بنفسه - وإذا أراد أي أحد قياس قوته فلينظر لقدرته على حفظه للسر- وذلك أن السر عادة لايتحمل صاحبه كتمه , ولايكظمه في فؤاده , فإذا صار المرء حافظاً , دل هذا على شجاعته , وقدرته على ضبط نفسه .
والأسرار نوعان
متعلق بالنفس
ومتعلق بالغير
والمرء مطلوب منه حفظ كلا السرين .
وأعظم الأسرار ماكان بين الزوجين
فمن الناس من كان فاضحاً لسره مع أهله حتى يصل إلى مرحلة أخص من البهيمية , لأن طبيعة النفس السوية , تأبى نشر مثل هذه الأمور وتلكم الأسرار , ولكن ذلك السفيه لا يتورع عن ذكر ما يحصل بينه وين زوجه , وذكر بعض أسرارهم , ولقد صور النبي صلى الله عليه وسلم هذا الهتك لهذه الأسرار بفعل الشياطين .
قال " ألا هل عست امرأة أن تخبر القوم بما يكون من زوجها إذا خلا بها ,ألا هل عسى رجل أن يخبر القوم بما يكون منه إذا خلا بأهله ؟ فقامت امرأة منهن سفعاء الخدين , فقالت : والله إنهم ليفعلون , وإنهم ليفعلن , قال : " فلا تفعلوا , ذلك أفلا أنبئكم ما مثل ذلك ؟ مثل شيطان أتى شيطانه بالطريق فوقع بها والناس ينظرون " السلسلة الصحيحة .
وفي المجالس العامة أسرار لا تخفى
فالناس في مجالسهم يجلسون بأريحية ودون تكلف , فيأخذون في الحديث العفوي , وربما ذكروا أسراراً لهم , وخاضوا في بعض خصائصهم ثقة بالجليس ,وطمأنينة للصاحب, فلا يحفظ جليسهم تلك الأسرار , بل ينشرها دون تحفظ أو رعاية لحق ذلك الصديق .
من الناس من يخون العشرة , وينسى قديم العهد , فيكون بينه وبين أخيه صداقة ومودة , فيبث له ذلك الصديق همومه , ويُؤمنه على أسراره , ويودع عنده خصوصياته , حتى إذا ما تغيرا وحصل الخصام ينهما , نشر تلك الأسرار , وبث هاتيك الدفائن , وهذا لعمر الله ليس من المروءة بشيء , ولا هو من أصول الأخلاق .
ومع بيان فضل حفظ السر, وكرامة أهله , إلا أن الناس في حاجة ماسة لمن يبثون لهم همومهم, ويُنزلون بهم مشاكلهم , ليحفظوا لهم سرهم , ويخففوا عنهم آلامهم - عندها تظهر كرامة المرء, وطيب معدنه في حفظ السر , ورعاية حرمة الواثق - .
إن حافظ السر يصبح بين الناس شامة, وعند الخليقة نبراس, يُحتذى بخُلقه, ويُتأسى بعمله, لأنه صار مستودع للأسرار, مُعيناً للناس في تحمل همومهم .
فيا أيها المقصود بين الناس في حفظ الأسرار عنده , الموثوق به من بين العالمين , احفظ لأهل العهد عهدهم , وأصحاب الميثاق ميثاقهم , وابذل النفس لهم , وليتسع صدرك لأسرارهم .